الأحد، 23 ديسمبر 2012

مجتمعات مغلفة بالفضيلة


كثيراً ما تعاني المجتمعات الغير واضحة والغير متصالحة مع نفسها مشاكل عنيفة لا يقدر على فك رموزها أي علّمٍ من العلوم الإنسانية, شأنها في ذلك شأن أي شيء في الوجود يعيش على فقاعة كبيرة لا أساس لها أصلاً. 
المجتمعات التي تتبهرج بإطارات من الفضيلة والتدين ولا تقبل أي أطروحات صريحة تُشرّح مشاكلها وأي طارئ قد ينشأ أثناء تفاعلات أفراد هذه المجتمعات مع بعضهم البعض في واقع حياتهم وممارساتهم اليومية, هذه المجتمعات ينشأ فيها وجهُ آخر للواقع مخالفاً تماماً لظاهرهِ, بل إنها في كثيرٍ من الأحيان تكون أكثر انحلالاً من المجتمعات المنحلة أصلاً, لأن الشخوص الذين يمارسون ذلك الانحلال الأخلاقي في مجتمعاتهم المنغلقة إنما يمارسونها سرّاً, ويكون الدافع لديهم أكبر نحو شدّة الانحلال, ذلك أنهم يعانون أصلاً من كبت عميق يظنون أنهم يتخلصون منه بممارسة طقوس الخفاء المنحلة في أغلبها, هذه الأفعال الناتجة عن ممارسات أفراد المجتمعات المنغلقة تؤكد أن تلك المجتمعات لم تُسهم في تربية أفرادها على سلوك الفضيلة وتنميتهم على نقد ذواتهم وتقييم تصرفاتهم, ذلك أن النقد عادةً ما يأتي من الآخر, وهذا ما يدفع أفرادها بشّدة إلى الظهور بمظهر خادع ومخالف تماماً لحقيقتهم, هذه الضبابية وعدم الوضوح تجعل من المستحيل تطبيق أي دراسة تُسهم في تعديل مسار تلك المجتمعات. 
حتى يتخلص أي مجتمع يعاني من هذه الحالة, فإنه يتوجب عليه أن يبادر حالاً بتغيير سلوك أفراده ونظرتهم الجمعية لمسرح الأحداث, إن لم يصحح المجتمع مساره فإنه مهدد بخطر مواجهته للحقيقة الصعبة والتي قد تكون ضرورة للعودة بسلوك ومفاهيم أفراد المجتمع نحو الوسط والاعتدال.


نشر بتاريخ 16-09-2011


رابط المقال على الصحيفة:


http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=10513

السبت، 15 ديسمبر 2012

كركمان ومتشددو التعليم


ليس خافياً على أحد ذلك المد المتشدد الذي زحف على تعليمنا فترة الثمانينات والتسعينات الميلادية, وما نتج عنه من عقول مغيبة تماماً, قامت باقتراف الكثير من الأفعال غير المحسوبة والتي نزف الوطن على إثرها دماءً غالية.
تلك الأفكار التي لازالت تمارس نفوذها وتطفوا على السطح بين حين وأخر, إذ إنها لا تستطيع كتمان مكنونها, ولعل الحقل التعليمي هو الأكثر تأثراً بها, ومن الطبيعي أن نقول أن من تمكنت منهم أفكار التطرف والغلو هم نتاج بيئاتنا التعليمية ومخرجات تربيتها, فقد تلقنوا أفكار التطرف والتشدد على أيدي معلمين متطرفين كانوا يسعون إلى ضخ تلك الكميات الهائلة من تنظيراتهم التي تنم عن تفسيرٍ خاطئٍ للدين الإسلامي الحنيف, وكان من نتائجها المؤسفة انجراف مجموعات من العقول عن الحق, ذلك الأمر كان مكلفاً للوطن على مستوياتٍ متعددة.
حديثي هُنا عن جلوي آل كركمان مدير التعليم في عسير ومتشددو التعليم في عسير, وبما أن غلاة الفكر في تلك الأيام كانوا معلمين, فإن الكثير منهم الآن مشرفين تربويين ويشغلون مواقع قيادية هامة وصانعةً للقرار التعليمي التربوي في إداراتنا التربوية التعليمية, ففي الأيام الماضية وحينما كان يحتفل التعليم في عسير بتدشينه مشروعاتٍ تربوية تطويرية, ولأن الكرنفال الاحتفالي يتطلب عملاً احتفائياً ومهرجاناً متميزاً, حيث إن أمير المنطقة سيكون الراعي له, فقد كان من ضمن فقرات حفل التدشين فقرة إنشادية تؤديها مجموعة من طالبات الروضة أعمارهن ما بين الخامسة والسادسة جنباً إلى جنب مع تلامذة المرحلة الابتدائية بمصاحبة معزوفاتٍ موسيقية إنشادية ملائمة للحدث, هنا تحركت مياه الفكر المتطرف والمتشدد, وقادت ثورة عارمة كان الهدف منها استثارة العاطفة الدينية ضد مدير التعليم في عسير متجاوزة في ذلك كل الحدود الممكن فهمها, فقد وصف الرجل بأوصافٍ خارجة عن إطار الذوق العام والأدب في الحوار والحديث, وصفوه بأنه مرتكبٌ للمخالفة الشرعية, ويقصدون بذلك الغناء والموسيقى وما يصاحبهما من اختلاطٍ, ولا أعلم أي نوعٍ من الاختلاط يقصدون, وإن كنت أظنهم يقصدون نوعاً جديداً اسمه (اختلاط الصغيرات), هذا الأمر الغير أخلاقي والهجوم الشرس ما هو إلا نتاج لترسبات تلك الأفكار, فمازال الفكر المتشدد والمتطرف يظهر بوضوح من خلال تغلغله في مؤسساتنا التعليمية وإن بقي نائماً ومداهناً للواقع, إلا أنه لا يلبث أن يفضح نفسه, ولعل مدير التعليم في عسير آل كركمان قاد عملياتٍ تفكيكية لذلك الفكر ورموزه كانت في غاية الروعة من حيث إنه استطاع تفكيك العديد من تلك الدوائر المغلقة, هذا الأمر الذي يُفسِّر السرّ وراء محاولات شحن المجتمع وتجييشه ضده من خلال استخدام العاطفة الدينية وانتخائها لدى المجتمع.
على أي حال فإنه لابد من التنبيه على أن أفكار التشدد والتطرف مازالت كامنة في مؤسساتنا التعليمية, ومن المهم أن يتم العمل على إذابتها والقضاء على أي بيئة تمكنها من الحياة والتكاثر كما فعل آل كركمان, لأجل أن نتمكن من بناء مجتمع يؤمن بالوسطية والتسامح ويشكلُ رافداً قوياً من روافد التنمية البشرية. 


نشر بتاريخ 13-12-2012

رابط المقالة على الصحيفة:

http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=14075

الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

صميلي والعلاقات السعودية اليمنية


العلاقات السعودية اليمنية لها طابعها المُختلف عن أي علاقات دولية أخرى, ليست عابرةً أو مجرد مصالح مشتركة تجعل من التواصل ضرورةً نفعية لأجل ضمان وأمن جانب الآخر, بل إن حقيقتها تأتي على أساس أنها علاقة مكانٍ وإنسان وتمضي في ذلك ضاربةً بجذورها في عمق التاريخ الإنساني البعيد, والذي لا يعترف إلا بالديموغرافية الواحدة.
من أبرز ما يُكدر تلك العلاقات المواقف الفردية والتي تنم عن رؤى شخصية بحتة ولا تتعداها, فليست تلك المنغصات مواقف رسمية معلنة لأي من الحكومتين, المشكل في الأمر أن المواقف الفردية غير المحسوبة قد تعطي نمطاً من الشعور بالفتور في العلاقة يظهر على المشهد للوهلة الأولى, وفي بعض الأحيان يزداد الأمر سوءاً بخروج ظواهر متأثرة بتلك المواقف الكارهة لمصلحة البلدين وتكون موحيةً إلى حدٍ كبير بالتباعد والتنافر الفكري والثقافي إلى حد القطيعة, بل إن المتأمل في تلك الفردانيات لا يستوحي أي تقارب ثقافي أو اجتماعي, لزم الأمر وقتاً حتى يأتِي من يعمل على إرساء وتصحيح المسار لتلك العلاقات في طابعها الإنساني والذي يهتم بالإنسان في جانبه الثقافي مما يتيح المجال واسعاً للقدرة على التفاعل ما بين مكوناتها المتقاربة, الدور الذي يؤديه الدكتور علي الصميلي الملحق الثقافي السعودي في صنعاء دورٌ مهمٌ للغاية من حيث بعث الروح في تلك العلاقات, إذ إنه عمل خلال الفترة الماضية تقديم الصورة الحقيقية والرائعة للمملكة العربية السعودية وثقافتها الإنسانية وحقيقة كوامن الإنسان السعودي وقبوله المحض للآخر وبخاصة الإنسان اليمني الشريك الأقرب ديموغرافياً, وكان من أهم الأفكار التي نادى بها الملحق الثقافي في صنعاء هو ذلك الذي أعلن عنه إبان معرض الكتاب في الفترة الماضية في صنعاء, ودعوته إلى إنشاء مركز ثقافي سعودي يمني يعمل على تبادل الثقافات الإنسانية بين إنساني المكانين, هذا المقترح إن تم تفعيله فإنه سيكون رافداً مهماً لوضع ذلك النوع من العلاقة في إطاره السليم والذي يعمل على تقوية العلاقات والتواصل الثقافي ما بين الشعبين الشقيقين والثقافتين المتلاصقتين, هذا من الناحية الشعبوية وهي الأهم من حيث الجانب الثقافي والإنساني, إذ إن الفتور الظاهر لم يكن نتاج مواقف سياسية.


نشر بتاريخ 29-11-2012


رابط المقالة على الصحيفة


http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=13956





الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

رسائل الحسّرة وحكاية الغبن


للغبن حكاية وللقهر رواية, كل غبنٍّ وقهر لن يُخلف إلا نتائج سلبية وخسائر فادحة, من يتحمل تلك التبعات ويكتوي بها وهو الخاسر الحقيقي دون أدنى جدل عندي هو الوطن ولا سواه.
حينما يتم الدفع بعددٍ من بنات الوطن تجاه نوعٍ من الدراسةٍ ويكون مصيرها الوهم والندم, إذ إنهن لم يجدن من يُشرع لهن أبواب المستقبل والأمان الوظيفي؛ فإن هذا هو الغبن الحقيقي والقهر بأوضح صوره وتجلياته, هذه حكاية خريجات دبلوم الكليات المتوسطة, إذ إنهن حينما انخرطن في تلك الكليات كن يحلمن بغدٍ مشرقٍ, كن يرين الأمل أمامهن حينما يتخرجن ويستطعن الحصول على عملٍ يضمن لهن قيمتهن الإنسانية في المجتمع ويجعلهن ذوات كيان مستقل يعتمدن فيه على ثقتهن في أنفسهن والقدرة على المشاركة في دفع عجلة التنمية الوطنية من خلال ممارسة حقهن في الشراكة الوطنية اللآتي أقصين منها قِسراً دون أدنى ذنبٍ اقترفنه سوى أنه غُرر بهن وأجبن أحاديث الوهم والسراب الكامن فيما كان يسمى بالكليات المتوسطة لإعداد المعلمات.
وصلتني رسائل عديدة منهن, تحمل في مجملها ذات الألم والغبن, ألم المستقبل الضائع وعناء السنوات العشرين الماضيات, ومن جميل ما حملت تلك الأشجان المستفيضة ما يكشف عن حبٍ حقيقي للوطن ومكوناته, فمن أسماء معرفاتهن أو أسمائهن المستعارة مثل (أحلام بنت الوطن), و(دبلومية مظلومة), و(كنار من 9000 كناري), بما أن عددهن 9000 خريجة منسية, إحدى رسائل التحسُّر كان عنوانها شعاراً وتعبيراً عن حب صادقٍ للوطن برغم مكتنزات الألم الكثيرة, فقد حملت الرسالة عنوان (وظفني يا وطني), كانت تلك الرسائل تحمل في مجملها شرحاً مستفيضاً للهمِّ الذي أقض مضاجعهن وجعلهن على هامش الوطن, كما حملت المناشدات المكتظة بالعاطفة والأنين إلى كل مسؤول بمقدوره أن يقف إلى جوارهن. 
وبما أن الخطأ ليس خطأهن, فقد ورِّطن في هذا النوع من الدراسة والذي لا يحمل أي مستقبلٍ مشرق, وكأقل الحقوق التي يمكن أن تُردَّ مكانها السوي, فأنه لا بد أن يقف الوطن إلى جوارهن ويحترم إنسانيتهن ويعترف بشراكتهن كعضوات فاعلات فيه.


نشر بتاريخ 21-11-2012


رابط المقالة على الصحيفة..


http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=13882




الاثنين، 12 نوفمبر 2012

ثقافة المركز حينما تنسخ البقية




في كل المكونات السياسية لا بد من وجود منطقة المركز ومناطق الأطراف, ومن بدهيات العدالة بين الجميع أن يتم التوزيع العادل بينها في النواحي الاقتصادية والخدمية والثقافية, إذ إنه ينبغي على السلطة أن تقوم بعمليات الموازنة بين الجميع بما يحقق الارتياح ويجعله السائد.
ومع تلك الموازنات والمعادلات فإن احترام ثقافات الجميع أمرٌ هامٌ للغاية, إذ إن أي مكون سياسي وخاصة المكونات المتسعة مساحةً والمتباينة ثقافةً, من الطبيعي أن تتباين فيه ثقافات وأنماط معيشية مختلفة, وفي حين أن الموازنات بين الجميع إن لم تكن عادلةً؛ فإن التململ والشعور بعدم الارتياح والعراكات الداخلية بين تلك الثقافات المتباينة ستكون هي سيدة الموقف, وعلى سبيل المثال فإن لكل مكون جزئي من المكونات الباقية التي تشكل المكون الرئيس أو كما في تسميات أوضح مناطق, فإن لكل جزء ثقافةً خاصةً به, وحين يتم تعميم ثقافة واحدة على بقية الثقافات والتي في الغالب ما تكون ثقافة مكان المركز, حين يتم تعميم تلك الثقافة على البقية والتي عادة ما تنعت بمناطق الأطراف, ويكون التعميم أما عن طريق تبني السياسي لذلك ودعمه أو عن طريق سكوته ورضاه التام بما يجري, في هذه الحالة يتسرب شعورٌ بالحنق والغيض إلى مكونات الأطراف, وفي الغالب يصبح مؤشراً خطيراً حيث إن سكان مكونات الأطراف أضحى يخالجهم شعور عميق بكراهية كل ما يأتي من المركز بل وقد يصل الأمر إلى كراهية إنسان ومكان المركز, وهذا الأمر غير جيد, إذ إنه يوحي بالفرقة والتنافس الغير مشروع بين مكونات الإطار العام للمكون الأساسي (الدولة) وحتى أكون أكثر وضوحاً ودقةً فسوف أضع مثالاً, فالفنون الشعبية أو الألوان التطريبية تختلف وتتباين من مكون لأخرى, وعلى السياسي أن يعطي للجميع فرصتهم المتساوية لأجل الترويج لفنونهم كما يرون, أما حين يتم دعم فن مكون على حساب المكونات الأخرى بغية تعميمه كنمط رئيس لبقية أجزاء المكون السياسي, وغالباً ما يتحرك هذا التعميم أو التنميط للمجتمع على أساس أنه نمط واحد لا أنماط مختلفة, أقول غالباً ما يصاحب هذه الحركة دعماً لوجستياً مالياً كبيراً من شأنه أن يغري العامة من سكان الأطراف بالانخراط فيه ونسيان ثقافة مكونهم أو منطقتهم الرئيسية, ومع مرور الوقت فإن إنسان ثقافة المركز أو منطقة المركز يبدي تعالياً على البقية حينما يراهم يجعلون منه نموذجاً لهم, بل ويصل الأمر في أحيانٍ كثير إلى استصغاره والسخرية منه, وهذا هو الأمر الغير جيد..
ولتجنب كل تلك العراكات والظلم الناتج عنها والإقصاء والتهميش, فإن على من يمتلك بيده صنع القرار أن يحدث موازنات حقيقية, من شأنها أن تحقق العدالة بين الجميع, وتجعل الفرص جميعها أمامهم متساوية, إن تحققت تلك العدالة, فإنها ستجعل الجميع ينبذون الفرقة, ويتمترسون في مكان واحد, لا يعترف إلا بالوطن الكبير الذي يحترمه ويحترم مكوناته.

نشر بتاريخ 08-11-2012  

الأحد، 4 نوفمبر 2012

تعليق سابق لي في منتديات عسير حول الأوضاع في عسير..



آن الآوان أن يعلم أمير عسير فيصل بن خالد, أن من يسيء إلى سمعته -كأمير للمنطقة- يجب أن يتوقف, ومن بيده إيقاف هذه الأمور هو هو ذاته أمير المنطقة ولا سواه, وتأتي الإساءة لأمير عسير عادةً كالتالي: 
عن طريق نقل المعلومات المغلوطة والتي يتم ترتيبها كما يريد الناقل, ثم يتشكل بناءً عليها قرار من أمير المنطقة, هذا القرار يستثير الناس ويجعلهم يشعرون بالإحباط لعدم وضوح الرؤية في القرار والذي لا يتكئ على معلومات دقيقة متسمة بالصدق وبعيدة عن التجني, و نتيجةً لهشاشة القانون, والذي مكن البراقماتيون النفعيون من تطويعه وجعله أداةً سهلة بأيديهم, يكيفونه كما يريدون وحسب أهوائهم وليس وفق قانون صادق يؤمن به المذنب قبل غيره, وهنا تكون الإساءة, وبما أننا نكاد نشير إلى المسيء ونعرف أنه ممن وثق فيهم الأمير, فلم يصدقوه حديثاً, بل جعلوا ما تمكنت منه أيديهم من سلطة وصلاحيات لا تصب إلا في مكان واحدٍ فقط, وهو مصلحتهم الشخصية, والتي من ضمنها تصفية الحسابات مع من يريدون باسم الأمير وتوقيعه, بعد أن يحكموا الوشاية, ويزيفوا الحقيقة, أما مصلحة الوطن والمواطن, فمن خلال تحليل بسيط للواقع, وما نراه ماثلاً أمامنا, فإن الوطن والمواطن لا يشكلان أي همٍّ لهم, ذلك أنه(أي المواطن) لا يفقه ومن السهل تهديده وتخويفه وبعث الرجفة في نفسه إن هو فكر في الحديث وهذا كما يظنون هم ومن زاويتهم المتضايقة والتي عودتهم على النظر من خلالها, أما الحقيقة فمغايرة تماماً لهذا الفهم المتأخر والمتبلد, لأن المواطن وخاصة جيل الشباب أصبحوا يعون ويفهمون أكثر من ذي قبل, وأصبح بإمكان المواطن أن يتحدث عن حقوقه كمواطن والتي كفلها له القانون وعن عقد الشراكة لأي دولة ما بين مواطنٍ مستفيدٍ من رعاية الوطن له, ومسؤول يُقدم الرعاية ويضمن للمواطن حقوقه..
أعتقد أن الأمور إن بقيت على هذه الحال فإننا نتجه نحو التدهور بسرعة فائقة, كنتيجة طبيعية وحتمية لعدم توافر القانون الذي من شأنه أن يعمل على تنظيم وترتيب المجتمع ووضع الحدود المؤطرة لأفرادة كضمان لإقامة العدالة الإجتماعية..
..
أبا ضياء, أيها الصامد, لك تحايا لا تنقطع..

رابط الصفحة..

http://www.asir.me/showthread.php?p=2077790#post2077790

رابط الرد على حدة..

http://www.asir.me/showpost.php?p=2077790&postcount=38

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

القيّمة الأخلاقية في المجتمع المتديّن



القيمة الأخلاقية أهمية قصوى في حالة التدين, كما أن التدين أصلاً يعتمد في جوهره اعتماداً كليا على تنمية القيمة الأخلاقية إذا تحدثنا عن التدين والقيمة الأخلاقية.
من خلال قراءة المجتمع الذي يوصف عادةً بأنه متدين وذو خصوصية تجعل منه غير قابل لفتح الكثير من الملفات بحكم خصوصيته, القارئ والمتابع لذاك المجتمع بدقة وحيادية, لن يجد الرابط القوي بين القيمة الأخلاقية والتدين المُغلف للمجتمع كسمة عُرفت عنه, إذ ليس غريباً في المجتمع المتدين أن ترى من يتخم أذنيك بضرورة اتباع الشكلانيات "لإظهار السنة"، كقضايا مصيرية تشغل المجتمع المتديّن, في حين أن ذات الواعظ  لا يجد غضاضةً في ممارسة أفعال تتنافى مع القيّم الأخلاقية الإنسانية في أي عرف أو معتقد أو دين, كالاستئثار بإقطاعيات من الأراضي والعقارات وكل فرص الكسب المتاحة للمجتمع  بطريقة الهبة أو الأعطية, والتي يعلم في قرارة نفسه أن حقه فيها كباقي حق الآخرين, وأن تفرده بتملكها ما هو إلا التواء على القانون والقيمة الأخلاقية, أو قد ممارسة التسويق لأي نشاط يُدرُّ عليه "تجارةً لن تبور" باسم الدين "وما أكثر المشاريع باسم الدين", فيما يتيقن كأول المُدركين للخطأ أن فعله غير أخلاقي.
هنا يتفاقم الأمر، فالمجتمع بما يُمارس عليه من المؤثرات من هذه النوعية والتي لا تدع في لا وعيه إلا حالةً معقدة وخطرة من الانفصام بين تفاصيل القيمة الأخلاقية التي يعيها تماماً والممارسة المندسة في الخفاء, هذه الصدمات للمجتمع تولّد حالات مستعصية جداً على الدراسة والتحليل, فلا نظريات اجتماعية أو نفسية تسمهم بفاعلية لفك رموزه ووضع حلول منطقية.
لا حلول منظورة للمجتمع المؤدلج سوى التصالح مع نفسه, وتقبل الآخر, والإيمان بالتعدديّة وحرية الممارسة الروحانية, وعدم التدخل في شؤون الغير, كما أنه من المهم جداً نزع الهالة الكبيرة من القدسيّة التي يضفيها المجتمع بطرق شكلانية عشوائية تستند في مجملها على تقييم الشكل والتغاضي عن القيّمة الأخلاقية.

نشر بتاريخ 06-01-2012

الأحد، 14 أكتوبر 2012

سمرة العيد الأبهاوية من بسطة القابل 2 / 10 / 1433 هـ

ملتقى أهل أبها السنوي الثاني لعام 1433هـ

المجتمعات المغلفة بالفضيلة



كثيراً ما تعاني المجتمعات الغير واضحة والغير متصالحة مع نفسها مشاكل عنيفة لا يقدر على فك رموزها أي علّمٍ من العلوم الإنسانية, شأنها في ذلك شأن أي شيء في الوجود يعيش على فقاعة كبيرة لا أساس لها أصلاً. 
المجتمعات التي تتبهرج بإطارات من الفضيلة والتدين ولا تقبل أي أطروحات صريحة تُشرّح مشاكلها وأي طارئ قد ينشأ أثناء تفاعلات أفراد هذه المجتمعات مع بعضهم البعض في واقع حياتهم وممارساتهم اليومية, هذه المجتمعات ينشأ فيها وجهُ آخر للواقع مخالفاً تماماً لظاهرهِ, بل إنها في كثيرٍ من الأحيان تكون أكثر انحلالاً من المجتمعات المنحلة أصلاً, لأن الشخوص الذين يمارسون ذلك الانحلال الأخلاقي في مجتمعاتهم المنغلقة إنما يمارسونها سرّاً, ويكون الدافع لديهم أكبر نحو شدّة الانحلال, ذلك أنهم يعانون أصلاً من كبت عميق يظنون أنهم يتخلصون منه بممارسة طقوس الخفاء المنحلة في أغلبها, هذه الأفعال الناتجة عن ممارسات أفراد المجتمعات المنغلقة تؤكد أن تلك المجتمعات لم تُسهم في تربية أفرادها على سلوك الفضيلة وتنميتهم على نقد ذواتهم وتقييم تصرفاتهم, ذلك أن النقد عادةً ما يأتي من الآخر, وهذا ما يدفع أفرادها بشّدة إلى الظهور بمظهر خادع ومخالف تماماً لحقيقتهم, هذه الضبابية وعدم الوضوح تجعل من المستحيل تطبيق أي دراسة تُسهم في تعديل مسار تلك المجتمعات. 
حتى يتخلص أي مجتمع يعاني من هذه الحالة, فإنه يتوجب عليه أن يبادر حالاً بتغيير سلوك أفراده ونظرتهم الجمعية لمسرح الأحداث, إن لم يصحح المجتمع مساره فإنه مهدد بخطر مواجهته للحقيقة الصعبة والتي قد تكون ضرورة للعودة بسلوك ومفاهيم أفراد المجتمع نحو الوسط والاعتدال.


نشر بتاريخ 16-09-2011


http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=10513