الأحد، 14 أكتوبر 2012

المجتمعات المغلفة بالفضيلة



كثيراً ما تعاني المجتمعات الغير واضحة والغير متصالحة مع نفسها مشاكل عنيفة لا يقدر على فك رموزها أي علّمٍ من العلوم الإنسانية, شأنها في ذلك شأن أي شيء في الوجود يعيش على فقاعة كبيرة لا أساس لها أصلاً. 
المجتمعات التي تتبهرج بإطارات من الفضيلة والتدين ولا تقبل أي أطروحات صريحة تُشرّح مشاكلها وأي طارئ قد ينشأ أثناء تفاعلات أفراد هذه المجتمعات مع بعضهم البعض في واقع حياتهم وممارساتهم اليومية, هذه المجتمعات ينشأ فيها وجهُ آخر للواقع مخالفاً تماماً لظاهرهِ, بل إنها في كثيرٍ من الأحيان تكون أكثر انحلالاً من المجتمعات المنحلة أصلاً, لأن الشخوص الذين يمارسون ذلك الانحلال الأخلاقي في مجتمعاتهم المنغلقة إنما يمارسونها سرّاً, ويكون الدافع لديهم أكبر نحو شدّة الانحلال, ذلك أنهم يعانون أصلاً من كبت عميق يظنون أنهم يتخلصون منه بممارسة طقوس الخفاء المنحلة في أغلبها, هذه الأفعال الناتجة عن ممارسات أفراد المجتمعات المنغلقة تؤكد أن تلك المجتمعات لم تُسهم في تربية أفرادها على سلوك الفضيلة وتنميتهم على نقد ذواتهم وتقييم تصرفاتهم, ذلك أن النقد عادةً ما يأتي من الآخر, وهذا ما يدفع أفرادها بشّدة إلى الظهور بمظهر خادع ومخالف تماماً لحقيقتهم, هذه الضبابية وعدم الوضوح تجعل من المستحيل تطبيق أي دراسة تُسهم في تعديل مسار تلك المجتمعات. 
حتى يتخلص أي مجتمع يعاني من هذه الحالة, فإنه يتوجب عليه أن يبادر حالاً بتغيير سلوك أفراده ونظرتهم الجمعية لمسرح الأحداث, إن لم يصحح المجتمع مساره فإنه مهدد بخطر مواجهته للحقيقة الصعبة والتي قد تكون ضرورة للعودة بسلوك ومفاهيم أفراد المجتمع نحو الوسط والاعتدال.


نشر بتاريخ 16-09-2011


http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=10513

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق