الاثنين، 22 أكتوبر 2012

القيّمة الأخلاقية في المجتمع المتديّن



القيمة الأخلاقية أهمية قصوى في حالة التدين, كما أن التدين أصلاً يعتمد في جوهره اعتماداً كليا على تنمية القيمة الأخلاقية إذا تحدثنا عن التدين والقيمة الأخلاقية.
من خلال قراءة المجتمع الذي يوصف عادةً بأنه متدين وذو خصوصية تجعل منه غير قابل لفتح الكثير من الملفات بحكم خصوصيته, القارئ والمتابع لذاك المجتمع بدقة وحيادية, لن يجد الرابط القوي بين القيمة الأخلاقية والتدين المُغلف للمجتمع كسمة عُرفت عنه, إذ ليس غريباً في المجتمع المتدين أن ترى من يتخم أذنيك بضرورة اتباع الشكلانيات "لإظهار السنة"، كقضايا مصيرية تشغل المجتمع المتديّن, في حين أن ذات الواعظ  لا يجد غضاضةً في ممارسة أفعال تتنافى مع القيّم الأخلاقية الإنسانية في أي عرف أو معتقد أو دين, كالاستئثار بإقطاعيات من الأراضي والعقارات وكل فرص الكسب المتاحة للمجتمع  بطريقة الهبة أو الأعطية, والتي يعلم في قرارة نفسه أن حقه فيها كباقي حق الآخرين, وأن تفرده بتملكها ما هو إلا التواء على القانون والقيمة الأخلاقية, أو قد ممارسة التسويق لأي نشاط يُدرُّ عليه "تجارةً لن تبور" باسم الدين "وما أكثر المشاريع باسم الدين", فيما يتيقن كأول المُدركين للخطأ أن فعله غير أخلاقي.
هنا يتفاقم الأمر، فالمجتمع بما يُمارس عليه من المؤثرات من هذه النوعية والتي لا تدع في لا وعيه إلا حالةً معقدة وخطرة من الانفصام بين تفاصيل القيمة الأخلاقية التي يعيها تماماً والممارسة المندسة في الخفاء, هذه الصدمات للمجتمع تولّد حالات مستعصية جداً على الدراسة والتحليل, فلا نظريات اجتماعية أو نفسية تسمهم بفاعلية لفك رموزه ووضع حلول منطقية.
لا حلول منظورة للمجتمع المؤدلج سوى التصالح مع نفسه, وتقبل الآخر, والإيمان بالتعدديّة وحرية الممارسة الروحانية, وعدم التدخل في شؤون الغير, كما أنه من المهم جداً نزع الهالة الكبيرة من القدسيّة التي يضفيها المجتمع بطرق شكلانية عشوائية تستند في مجملها على تقييم الشكل والتغاضي عن القيّمة الأخلاقية.

نشر بتاريخ 06-01-2012

الأحد، 14 أكتوبر 2012

سمرة العيد الأبهاوية من بسطة القابل 2 / 10 / 1433 هـ

ملتقى أهل أبها السنوي الثاني لعام 1433هـ

المجتمعات المغلفة بالفضيلة



كثيراً ما تعاني المجتمعات الغير واضحة والغير متصالحة مع نفسها مشاكل عنيفة لا يقدر على فك رموزها أي علّمٍ من العلوم الإنسانية, شأنها في ذلك شأن أي شيء في الوجود يعيش على فقاعة كبيرة لا أساس لها أصلاً. 
المجتمعات التي تتبهرج بإطارات من الفضيلة والتدين ولا تقبل أي أطروحات صريحة تُشرّح مشاكلها وأي طارئ قد ينشأ أثناء تفاعلات أفراد هذه المجتمعات مع بعضهم البعض في واقع حياتهم وممارساتهم اليومية, هذه المجتمعات ينشأ فيها وجهُ آخر للواقع مخالفاً تماماً لظاهرهِ, بل إنها في كثيرٍ من الأحيان تكون أكثر انحلالاً من المجتمعات المنحلة أصلاً, لأن الشخوص الذين يمارسون ذلك الانحلال الأخلاقي في مجتمعاتهم المنغلقة إنما يمارسونها سرّاً, ويكون الدافع لديهم أكبر نحو شدّة الانحلال, ذلك أنهم يعانون أصلاً من كبت عميق يظنون أنهم يتخلصون منه بممارسة طقوس الخفاء المنحلة في أغلبها, هذه الأفعال الناتجة عن ممارسات أفراد المجتمعات المنغلقة تؤكد أن تلك المجتمعات لم تُسهم في تربية أفرادها على سلوك الفضيلة وتنميتهم على نقد ذواتهم وتقييم تصرفاتهم, ذلك أن النقد عادةً ما يأتي من الآخر, وهذا ما يدفع أفرادها بشّدة إلى الظهور بمظهر خادع ومخالف تماماً لحقيقتهم, هذه الضبابية وعدم الوضوح تجعل من المستحيل تطبيق أي دراسة تُسهم في تعديل مسار تلك المجتمعات. 
حتى يتخلص أي مجتمع يعاني من هذه الحالة, فإنه يتوجب عليه أن يبادر حالاً بتغيير سلوك أفراده ونظرتهم الجمعية لمسرح الأحداث, إن لم يصحح المجتمع مساره فإنه مهدد بخطر مواجهته للحقيقة الصعبة والتي قد تكون ضرورة للعودة بسلوك ومفاهيم أفراد المجتمع نحو الوسط والاعتدال.


نشر بتاريخ 16-09-2011


http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=10513