الاثنين، 25 مارس 2013

الحلولُ المُمكِنةُ


أقول ممكنة لأنه من الممكن التعاطي معها وإخضاعها للتجربة لتكون على محك اختبار حقيقي, ومن ثم إصدار الأحكام عليها, بعد معاينة النتائج, ولأن بعضاً من قضايا الساعة -والتي مازالت شاغلاً لنا- لم تصل بعد إلى الحل الأوسط والذي من شأنه أن يوجد تقارباً بين أطياف الخلاف, لا أزعم أنني أمتلك الحقيقة بما أحمله في جعبتي بقدر ما هي محاولة للوصول إلى نقطة لقاء مشترك. 
القضية التي أشغلت الرأي العام مؤخراً, ألا وهي قضية المجهولين القادمين من القرن الأفريقي, أو كما أسمتهم بعض الجهات ذات العلاقة المتسللين, بعد كل العراكات ما بين التأكيد على خطرهم الكبير ونفيه, وبعد الاطلاع على الكثير من ملابسات الأمر, أرى أن تقوم الدولة بحصرهم, ووضعهم في ما يشبه الملاجئ أو مراكز الإيواء, لأجل ضمان السيطرة عليهم بدلاً من تركهم يهيمون في مختلف الأرجاء, ولا يسلم الأمر من خروجه عن السيطرة حتى لو كان على المستويات الفردية؛ والتي دائماً ما تخلف متضررين من المواطنين, وعلى اختلاف الضرر الواقع ما بين الفادح والبسيط؛ فإنه من الواجب حماية ورعاية الأفراد بما يحقق لهم القدر الكافي من الأمن والشعور به, كما أنه من غير المجدِ نفى القلق الذي يشعره به الأخرون لمجرد القناعة بعدم وجوده, ومن غير المجدِ أيضاً ترك الأمر دون حلول جذرية تضمن القضاء على الظاهرة, كما إنه من الممكن استخدامهم كأيدٍ عاملة, وتسخير تلك القوى لأجل القيام بمشاريع تنموية وخدمية. 
من المهم جداً أن يتم الأخذ برؤى واقتراحات الأخرين, ممن يقدمون حلولاً قد تكون ممكنة إن تم تفعليها, والمهم الأكثر أهمية من ذلك هو أن يفهم المسؤول القريب والمختص بأمرٍ ما أو قضيةٍ راهنة من قضايا الرأي العام, مهمٌ أن يعلم بكيفية التدخل من قبل الأخرين وأنه لا يمثل تطفلاً على اختصاصه كما قد يظن, وإنما ذلك أتٍ من حجم الهم والقلق الذي وصل له, وهو ما يؤدي إلى التحرك الجمعي نحو البحث عن حلٍ ممكن. 

نشر بتاريخ 20-03-2013

رابط المقالة على الصحيفة..

http://albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=14882

الثلاثاء، 12 مارس 2013

التدين التعاوني (2-2)



من خلال حديثي عن ظاهرة التدين التعاوني والمتشارك في مقالتي السابقة, أجده مهماً أن أشير إلى أن الظاهرة الدينية المتكاتفة والجماعية غير مرفوضة, وليس ما أرمي له كراهيتها, أو البعد عنها, فهي مظهر جميل وتعبيرٌ موحي, إذا أخذ على أساس صفائه ونقائه.. 
ما أعنيه بالتحديد, أن المبالغة في الوصول لهذه الحشد أو التجمع هو السيء في الأمر, إذ إنه قد يأخذ في مضامينه ويشتمل بين حشوده على حالات تمثل هذا التجميع ولكنها غير حقيقية؛ وكيف أنها غير حقيقية..؟ فهذا يتضح من خلال المظاهر أو المخرجات والنتائج, حيث إن سمة التناقض والشخصيات المزدوجة تطفو على السطح بشكل لافت, إذ ليس من الغريب أن من يأمر بالفضيلة ويمارسها ويحث على ممارستها في الجهر, بل وحتى إنه يشنع على مخالفيه ويهاجمهم بشراسة وضراوة تذهب به في حالات كثيرة حد اللا أخلاقية, ليس من الغريب أن يمارس الرذيلة حتى أدنى مستوياتها في الخفاء, وهذا يدل بوضوح على أن الإيمان لم تخالط بشاشته قلبه, وإنما يسعى لأن يتفق ويتماهى مع المظهر العام ومفاهيم العقل الجمعي التي تفكر وترى وتسمع وحتى تقرر برأي الجماعة.. 
ولضرورة التأكيد على أن الأصل في الإيمان هو القلب, أي أنه الشيء الخفي والمختبئ عن مشهد الأحداث الدائرة أمام الآخرين, وأصل الثواب والعقاب من عند الله-جلَّ في علاه-إنما هو أمرٌ مناط بالنيات والسرائر والتي تدور حولها الإيمانيات, وإنما أصل العلاقة الإيمانية هي نتاج تفاعلي بين العبد وربّه, فالله تعالى يأمر العبد أن يفعل ولا يفعل, والعبد يمتثل للأمر ويطيعه أو يرفضه, ومن خلال هذا التفاعل الخاص تكون علاقة التدين الحقيقي والصادق, وعلى العكس منه تماماً تكون علاقة الرفض والتمرد.. 
إذا فهمنا التدين من خلال زوايا متعددة, وأعدنا النظر إليه كل مرّةٍ من مكان مغاير, فإنه لزاماً علينا أن نكون منصفين, وألا نُصدر أحكاماً القطعية على أساس إيمان (س) من الناس مجازفة؛ لأن هذه علاقته بربه, ولا نمتلك التدخل فيما بين العبد وربه, ومن المهم أننا لا نرفض ونقصي المشهد الآخر الذي يحض على الجماعة, بل نشحذه أن يكون أكثر صدقاً وإيماناً من خلال صدق مجيء الناس إليه وانخراطهم ضمنه.

نشر بتاريخ 06-09-2012

رابط المقالة على الصحيفة:

التدين التعاوني(1-2)




حين نتأمل حالة التدين, ندرك جلياً أن للتدين أشكالاً متعددة, ومن تلك الأشكال التدين التعاوني, هذا النوع من التدين ينبني على أساس التعاون والمشاركة في العلاقات التدينية. 
فمثلاً العلاقات التي أساسها أن تكون فردية ولا تقبل التشارك والتعاون أو حتى المجاهرة, لأجل أن تبقى بين العبد وخالقه, ولأجل أن تكون خالصة النيّة لله وحده, إلا أنها تتخذ أشكالاً تعاونية, كأن ينطلق الوعاظ لأجل الحث على أدائها والتشارك فيها رغبة في تعميما على ما أمكن من أفراد المجتمع, وعلى ذلك يتم سوق الناس إلى طاعاتهم بالإكراه, هذا الأمر ربما يكون جيداً من الناحية الشكلانية, إذ إنه يبين أن الطابع العام المؤطر لهذا(اللفيف) من الناس أو المجتمع ليس إلا طابعاً تدينياً محضاً, ينساق إلى فعل الطاعات على شكل جماعات متتالية في مظهرٍ إيماني أخاذ, ولكننا نُهملُ شيئاً مهماً للغاية, إذ إن التدين الصحيح والحقيقي ينبني على النيّة والتي محلها ومركزها في القلب, والتي تنبني على أساس فرداني غير قابل للتشارك والتعاون, أي أنه أمرٌ غير ظاهر ليتم الحكم عليه, وعلى ذلك فإن من ينساقون في تلك الجماعات لا يمكن بأي حال افتراض الرضى والقبول بذلك الفعل من الجميع وبذات الوتيرة المتوازية والمتساوية والصادقة, أي أنه ليس نابع من الذات والتي تستشعر جماليات الإيمان وروحانياته, فنحن نُدركُ تماماً أن من بين تلك الجماعات من ساقه لفعل الطاعة خوفه من نقد المجتمع ونظرته الإقصائية, وإنما ينخرط في تلك الجماعات, ويمارس أفعال وأشكال الطاعات, خشية أن تقوم الجماعة بممارسة فعل جماعي يرمي به في دائرة الذين تم اقصائهم وتصنيفهم, ولا يتعدى الأمر هنا حين نصفه بأنه مناورة أو مصانعة ومُداهنة للمجتمع, لأجل الالتفاف على تلك القيود التي أطرت المجتمع ووسمته بقيوده الحالية. 
هذا الأمر ليس مؤشراً حقيقياً على حقيقة الإيمان والروحانية في المجتمع, ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحكم على المجتمع من خلاله, لأنه لا يعتمد على مؤشرٍ ذو مصداقية حين البحث في اعماق الأفراد ومكنوناتهم الإيمانية, وإنما هو مؤشر شكلي, ومن المهم جداً أن تكون هنالك حلولاً أخرى لتكوين العلاقات بين أفراد المجتمع وتفاعلهم وتعايشهم مع بعضهم البعض, على أن تكون هذه الطرق أو المؤشرات حقيقية وواقعية وغير شمولية, بحيث أنها لا تعتمد على الكل وإنما تعتمد على الفرد والذي هو محور العملية التفاعلية الإيمانية.

نشر بتاريخ 09-08-2012

رابط المقالة على الصحيفة:

الخميس، 7 مارس 2013

ما بين معرضين للكتاب



قدمت جامعة جازان خلال الأيام القليلة الماضية دروساً رائعة في حفل افتتاح معرض الكتاب, أرى أنها مفيدةً في توعية الآخرين بكيفية صناعة التطور وبناء المنجز, بهرني حفل الافتتاح والاطلاع على منجزات الجامعة ومراحل نموها, إذ إنني لم أكن أُدركُ اختصاري مسافات من الزمن في لمحة قصيرةٍ.
كلُّ شيء هناك مبهراً حد الإعجاب, إذ برهنت جامعة جازان أنها تقفز للأمام قفزات كبرى لا تعترف خلالها بالمعوقات أو الصعاب, ذلك أن مديرها وكافة طاقمها الإداري والأكاديمي لم يكونوا حريصين على الظهور ولم تفتنهم الفلاشات والأضواء, وتركوا زمام أمور كرنفالهم الاحتفائي وكافة ترتيباته لطالبات وطلاب الجامعة, حتى يثبتوا عملياً وأمام الجميع أنهم على مستوى عالٍ من الإعداد والتهيئة, لم يكن المبهر فقط حفل الافتتاح وفقراته, بل إن الجولة التي قمنا بها على البنية التحتية للجامعة وما تم إنجازه من منشآت, تكشف عن صدقٍ في العمل وإخلاصٍ في التعاطي مع مفهوم التنمية وتهيئة البيئة التعليمية الملائمة والمتطورة, الآخذة بعين اعتبارها أحدث الدراسات التربوية.
بحجم كل شيء شكراً لجامعة جازان على ما تقوم به من تنمية وطنية رائعة, إن ذلك درساً قدمته جامعة جازان الناشئة, وبالمجان للجامعات العريقة الأخرى, وحتى تتقدم أساليب التعاطي مع التطورات التعليمية والتقنية عند البقية, سنبقى نقول لجامعة جازان, أنتِ في المقدمة.
التجربة في جامعة جازان, يجب أن تستفيد منها مؤسسات أخرى وعلى رأسها وزارة الثقافة والإعلام والتي مازالت تكرر نفسها من خلال معرض الكتاب, فمازالت الوجوه نفسها والأفكار القديمة والمعهودة لم تتبدل, وأظنها بحاجة لأن تتعرف على تجربة جامعة جازان في ضخ وتقديم وجوه شابة وجديدة, وتقديمها إلى ساحة العمل العام, وتوليتها القيادة دون شكٍ أو ريبةٍ من قصورٍ ما قد تحدثه مثل تلك الأعمال التقدمية, ودون الاستئثار بالأدوار التي مازال القدماء يعتقدون أنها من تجلب لهم الأضواء.



نشر بتاريخ 07-03-2013
http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=14773

أهذا منجزكم يا أمننا..! / المتسللون وأمن الوطن


أهذا منجزكم يا أمننا..!

كتبت في الأسبوع الماضي عن خطر المواطنين غير الشرعيين, الموضوع الأشد قلقاً في جنوبنا هذه الأيام, ولا أعلم أن الحكومة والأمن إلى الآن لم تستشعر ذلك الخطر, أو على الأقل تعلم من خلال مجساتها عن الرعب الذي يشكله في نفوس المواطنين, والذين يتطلعون إلى حصولهم على حقهم في الأمن.
تداول الناس خلال اليومين الماضيين رسائل عبر وسائل الاتصالات مفادها تحذيرات من خطر هذه الفئة, وكانت الرسالة موجهةً من إمارة المنطقة, ذلك الأمر الذي استدعى الناطق الإعلامي بإمارة المنطقة إلى الخروج عن الصمت ونفي تلك التحذيرات, ونفض يد الإمارة في عسير عما ورد فيها, صمت ناطق الإمارة عن الإشارة إلى خطرهم, وتوتر الأمر دعا المواطنين ممن تضرروا إلى الخروج بأنفسهم وإلقاء القبض على هؤلاء المقتحمين أمنهم وأوطانهم, الخطير في الأمر هنا أن المواطن حينما نفض يده من أي تحركٍ رسمي؛ توجه بنفسه لملاقاة مصيره, وقد تكون النتائج غير محمودة أو قد تصل إلى الحد الذي ينتهك القوانين ويحدث الفوضى, وعلى الأمن أن يتحرك بنفسه بدلاً من نفي ما آلت إليه الأمور, كما أنه من الواجب ملاحقة المواطنين الذين يتعاونون معهم وتقديمهم للعدالة.
في البداية كتبنا عن المواطنين غير الشرعيين؛ فوجهوا قوات الأمن للقبض على المقيمين النظاميين مع وجود مخالفة في نظام العمل, وحينما كتبنا عن الحالة, استنفرت قوات الأمن في الأسبوع الماضي, وشكلت نقاط تفتيش في جميع أرجاء مدينة أبها, ولكنها لم تستهدف "الخطر الداهم", فهي موجهة هذه المرة ضد المواطنين –والله المستعان- ممن توجد لديهم مخالفات في أوراقهم الثبوتية وأوراق مركباتهم.


نشر بتاريخ 27-02-2013


http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=14705

.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد أن تدخل مقص الرقيب, تم نشره كالتالي:

المتسللون وأمن الوطن

كتبت في الأسبوع الماضي عن خطر المواطنين غير الشرعيين, الموضوع الأشد قلقاً في جنوبنا هذه الأيام.وقد تداول الناس خلال اليومين الماضيين رسائل عبر وسائل الاتصالات مفادها تحذيرات من خطر هذه الفئة, وكانت الرسالة موجهةً من إمارة المنطقة, ذلك الأمر الذي استدعى الناطق الإعلامي بإمارة المنطقة إلى الخروج عن الصمت ونفي تلك التحذيرات, ونفض يد الإمارة في عسير عما ورد فيها, صمت ناطق الإمارة عن الإشارة إلى خطرهم وقد توتر الأمر حيث دعا المواطنين ممن تضرروا إلى الخروج بأنفسهم وإلقاء القبض على هؤلاء المقتحمين أمنهم وأوطانهم, والخطير في الأمر هنا أن المواطن حينما نفض يده من أي تحركٍ رسمي؛ توجه بنفسه لملاقاة مصيره, وقد تكون النتائج غير محمودة أو تصل إلى الحد الذي ينتهك القوانين ويحدث الفوضى, وعلى الأمن أن يتحرك بنفسه بدلاً من نفي ما آلت إليه الأمور.
في البداية كتبنا عن المواطنين غير الشرعيين؛ فوجهوا قوات الأمن للقبض على المقيمين النظاميين مع وجود مخالفة في نظام العمل, وحينما كتبنا عن الحالة, استنفرت قوات الأمن في الأسبوع الماضي, وشكلت نقاط تفتيش في جميع أرجاء مدينة أبها, ولكنها لم تستهدف "الخطر الداهم", فهي موجهة هذه المرة ضد ممن توجد لديهم مخالفات في أوراقهم الثبوتية وأوراق مركباتهم.