الثلاثاء، 12 مارس 2013

التدين التعاوني(1-2)




حين نتأمل حالة التدين, ندرك جلياً أن للتدين أشكالاً متعددة, ومن تلك الأشكال التدين التعاوني, هذا النوع من التدين ينبني على أساس التعاون والمشاركة في العلاقات التدينية. 
فمثلاً العلاقات التي أساسها أن تكون فردية ولا تقبل التشارك والتعاون أو حتى المجاهرة, لأجل أن تبقى بين العبد وخالقه, ولأجل أن تكون خالصة النيّة لله وحده, إلا أنها تتخذ أشكالاً تعاونية, كأن ينطلق الوعاظ لأجل الحث على أدائها والتشارك فيها رغبة في تعميما على ما أمكن من أفراد المجتمع, وعلى ذلك يتم سوق الناس إلى طاعاتهم بالإكراه, هذا الأمر ربما يكون جيداً من الناحية الشكلانية, إذ إنه يبين أن الطابع العام المؤطر لهذا(اللفيف) من الناس أو المجتمع ليس إلا طابعاً تدينياً محضاً, ينساق إلى فعل الطاعات على شكل جماعات متتالية في مظهرٍ إيماني أخاذ, ولكننا نُهملُ شيئاً مهماً للغاية, إذ إن التدين الصحيح والحقيقي ينبني على النيّة والتي محلها ومركزها في القلب, والتي تنبني على أساس فرداني غير قابل للتشارك والتعاون, أي أنه أمرٌ غير ظاهر ليتم الحكم عليه, وعلى ذلك فإن من ينساقون في تلك الجماعات لا يمكن بأي حال افتراض الرضى والقبول بذلك الفعل من الجميع وبذات الوتيرة المتوازية والمتساوية والصادقة, أي أنه ليس نابع من الذات والتي تستشعر جماليات الإيمان وروحانياته, فنحن نُدركُ تماماً أن من بين تلك الجماعات من ساقه لفعل الطاعة خوفه من نقد المجتمع ونظرته الإقصائية, وإنما ينخرط في تلك الجماعات, ويمارس أفعال وأشكال الطاعات, خشية أن تقوم الجماعة بممارسة فعل جماعي يرمي به في دائرة الذين تم اقصائهم وتصنيفهم, ولا يتعدى الأمر هنا حين نصفه بأنه مناورة أو مصانعة ومُداهنة للمجتمع, لأجل الالتفاف على تلك القيود التي أطرت المجتمع ووسمته بقيوده الحالية. 
هذا الأمر ليس مؤشراً حقيقياً على حقيقة الإيمان والروحانية في المجتمع, ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحكم على المجتمع من خلاله, لأنه لا يعتمد على مؤشرٍ ذو مصداقية حين البحث في اعماق الأفراد ومكنوناتهم الإيمانية, وإنما هو مؤشر شكلي, ومن المهم جداً أن تكون هنالك حلولاً أخرى لتكوين العلاقات بين أفراد المجتمع وتفاعلهم وتعايشهم مع بعضهم البعض, على أن تكون هذه الطرق أو المؤشرات حقيقية وواقعية وغير شمولية, بحيث أنها لا تعتمد على الكل وإنما تعتمد على الفرد والذي هو محور العملية التفاعلية الإيمانية.

نشر بتاريخ 09-08-2012

رابط المقالة على الصحيفة:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق